القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة الفتاة سلمي و الفتاة ليليا من اغرب القصص

 

 

في إحدى القرى النائية، التي تقع بين التلال الخضراء والوديان العميقة، عاشت فتاة صغيرة تُدعى سلمى. كانت سلمى تبلغ من العمر عشرة أعوام، وكانت تُعرف في القرية بحبها الكبير للطبيعة ورغبتها الشديدة في استكشاف كل ما هو جديد. كانت سلمى فتاةً ذكية ومرحة، تقضي معظم وقتها في الحقول والغابات المحيطة بقريتها، تجمع الأزهار وتراقب الطيور وتستمتع بجمال الطبيعة.


كان والد سلمى، السيد يوسف، مزارعاً بسيطاً، يعمل بجد لتأمين حياة كريمة لعائلته. أما والدتها، السيدة ليلى، فكانت ربة منزل تُعنى بتربية سلمى وأخيها الصغير، علي. كانت حياة الأسرة هادئة وبسيطة، مليئة بالحب والتفاهم.


في أحد الأيام، بينما كانت سلمى تتجول في الغابة كعادتها، سمعت صوتاً خافتاً يشبه البكاء. اتجهت نحو مصدر الصوت بحذر، حتى وصلت إلى شجرة ضخمة تتوسط الغابة. كانت الشجرة تبدو قديمة جداً، بأغصانها المتشابكة وجذعها العريض. خلف الشجرة، وجدت سلمى كائناً غريباً لم ترَ مثله من قبل. كان يشبه الفتاة الصغيرة، لكنه كان مشعاً بلون أخضر باهت، وله أجنحة شفافة كالزجاج.


شعرت سلمى بالدهشة والخوف في آنٍ واحد، لكنها تمالكت نفسها واقتربت من الكائن. "من أنتِ؟ ولماذا تبكين؟" سألت سلمى برقة. نظرت الفتاة الصغيرة إليها بعينين لامعتين وقالت بصوت خافت: "أنا ليليا، حورية الغابة. لقد فقدت قدرتي على الطيران ولا أستطيع العودة إلى موطني بين الأشجار."


قررت سلمى مساعدة ليليا، وسألتها: "كيف يمكنني مساعدتكِ؟". أجابت ليليا: "تحتاج جناحي إلى زهرة القمر، وهي زهرة نادرة جداً تنمو في أعلى الجبل المقدس. إذا استطعتِ إحضارها لي، سأتمكن من استعادة قدرتي على الطيران."


لم تتردد سلمى للحظة. عادت إلى منزلها وأخبرت والديها بما حدث، وقررت أن تبدأ رحلتها في اليوم التالي مع بزوشغ الفجر. كانت تعلم أن الرحلة ستكون طويلة وشاقة، لكنها كانت مصممة على مساعدة ليليا بأي ثمن.

في صباح اليوم التالي، بدأت سلمى رحلتها نحو الجبل المقدس. كان الطريق وعراً ومليئاً بالعقبات، لكنها لم تستسلم. واجهت سلمى العديد من التحديات في طريقها، من الأنهار الجارفة إلى الغابات الكثيفة والوحوش البرية. لكنها كانت دائماً تجد طريقة للتغلب على هذه التحديات بفضل شجاعتها وذكائها.

بينما كانت تقترب من قمة الجبل، بدأت تشعر بالتعب والإرهاق. لكن في تلك اللحظة، تذكرت عيون ليليا الحزينة وشعرت بدفعة جديدة من القوة والعزيمة. أخيراً، بعد مسيرة طويلة وشاقة، وصلت إلى قمة الجبل حيث وجدت زهرة القمر تتألق تحت ضوء القمر الفضي.

قطفت سلمى الزهرة بحذر وعادت بسرعة إلى الغابة حيث كانت ليليا تنتظرها. عندما رأت ليليا الزهرة، انفرجت أساريرها وابتسمت لأول مرة منذ لقائها بسلمى. "شكراً لكِ يا سلمى. لقد أنقذتِني." قالت ليليا بامتنان عميق.

وضعت ليليا زهرة القمر على جناحيها المكسورين، وفجأة، بدأت الأجنحة تلمع بشدة وبدأت ليليا ترتفع في الهواء. نظرت إلى سلمى وقالت: "لن أنسى لكِ هذا الجميل أبداً. إذا احتجتِ إلى مساعدة يوماً ما، فقط نادي باسمي.

عادت سلمى إلى منزلها وهي تشعر بالفخر والسعادة. أخبرت والديها بكل ما حدث، وفخورين بشجاعتها وعزمها. مرت الأيام وعادت الحياة إلى مجراها الطبيعي، لكن سلمى لم تنسَ مغامرتها مع ليليا أبداً.

بعد سنوات، عندما كبرت سلمى وأصبحت شابة، واجهت قريتها أزمة كبيرة. فقد جفت الأنهار وذبلت المحاصيل، وكان الجفاف يهدد حياة الجميع. تذكرت سلمى وعد ليليا، وقررت أن تطلب مساعدتها.

في ليلة هادئة، خرجت سلمى إلى الغابة ونادت باسم ليليا. لم يمر وقت طويل حتى ظهرت ليليا أمامها، مشعة بجمال وسحر. أخبرت سلمى ليليا عن معاناة قريتها، وطلبت منها المساعدة.

ابتسمت ليليا وقالت: "لقد وعدتكِ يا سلمى، وأنا أوفي بوعودي." رفرفت بجناحيها وانتشرت موجة من الضوء الأخضر في كل مكان. بدأت الأنهار تعود للجريان والمحاصيل تنمو من جديد. عادت الحياة إلى القرية بفضل ليليا وسلمى.

تحولت قصة سلمى وليليا إلى أسطورة تُروى في القرية جيلاً بعد جيل. تعلم الجميع من هذه القصة أن الشجاعة والإصرار يمكن أن يصنعا المعجزات، وأن فعل الخير سيعود دائماً بالخير على صاحبه. عاشت سلمى حياتها محاطة بالحب والاحترام، وعرفت أن الحوريات والمغامرات ليست مجرد خيال، بل يمكن أن تكون حقيقة تتجلى بقلوب طيبة وأرواح شجاعة.

تعليقات